سنترال رمسيس: قصة اتصالات تاريخية بدأت بأمر ملكي وخدمة الملايين منذ 1927

في قلب العاصمة المصرية وعلى مقربة من محطة مصر، يظل سنترال رمسيس شاهدًا حيًا على تطور الاتصالات في البلاد على مدى قرن كامل. منذ افتتاحه عام 1927 بأمر من الملك فؤاد الأول، لم يكن هذا السنترال مجرد مبنى عادي، بل أصبح نقطة تحول في ربط القاهرة بكافة أنحاء مصر والعالم.
خلال العقود الماضية، لعب سنترال رمسيس دورًا محوريًا في مسيرة الاتصالات من الهاتف اليدوي إلى الإنترنت فائق السرعة. المراحل التي مرت بها الاتصالات تجسد في هذا المبنى، الذي يمثل محور شبكة الهاتف القومي. سجل التاريخ باهتمام افتتاح أول مقر للتليفونات حين أجري الملك فؤاد الأول أول مكالمة باستخدام هاتف إريكسون، مما جعل من ذلك الحدث محطة فارقة.
مع مرور الوقت، ومع التوسع العمراني وارتفاع الطلب على الخدمات الهاتفية، تقرر بناء سنترال رمسيس الجديد في نفس الموقع خلال السبعينيات. كان تصميم المبنى ليس فقط لاستيعاب أكثر من 400 ألف خط أرضي، بل ليكون من أكبر السنترالات في الشرق الأوسط.
يمتد المبنى اليوم على 13 طابقًا، مزودًا بمحطات كهربائية ومولدات طوارئ لضمان استمرارية الخدمة. منذ الخمسينيات وحتى الألفينات، ساهم سنترال رمسيس في ربط مصر بشبكات الهاتف المحلية والدولية، حيث كان يمثل حلقة الوصل المهمة التي تتيح دخول المكالمات إلى خارج البلاد.
ومع دخول التسعينيات، كان له دور فعال في توسيع خدمات الإنترنت، مما جعله جزءًا أساسيًا من الشبكة الرقمية في مصر. في السنوات الأخيرة، خضع السنترال لعمليات تطوير تكنولوجية لمواكبة التحول الرقمي المتسارع.
ومؤخرا، سلط الحريق الذي اندلع في المبنى الضوء على الأهمية الكبرى لهذا المعلم، معلنًا عن ضرورة الحفاظ على الخدمات. ورغم أن سنترال رمسيس مر عليه ما يقرب من 100 عام، إلا أنه لا يزال يمثل رمزًا لبدء الاتصالات الحديثة في مصر، ويستمر في تلبية احتياجات المستخدمين يوميًا.
ومع التحولات الرقمية الجارية، يبقى هذا السنترال واحدًا من المعالم التي تروي قصة وطن بدأ من القاهرة، وما زال على اتصال دائم.